• أسواق النفط تباين في الأداء الأسبوعي يعكس حالة القلق

    07/12/2014

    ​مختصون يطالبون بتناغم سياسات الإنتاج بين "أوبك" و"المستقلين" لضبط إيقاع الأسعار
     أسواق النفط .. تباين في الأداء الأسبوعي يعكس حالة القلق
     
     

    عامل أمام خطوط براميل نفطية بمصنع "شل" في مدينة تورجوك الروسية. "رويترز"
     
     
     

    سجلت أسعار النفط تباينا خلال تداولات الأسبوع الماضي وهو ما يعكس حالة التوتر في سوق الخام بسبب موجة التراجع الحاد التي بدأت في حزيران (يونيو) الماضي وأدت إلى خسارة أسعار النفط لـ 40 في المائة من قيمتها.
    وبدأت سلة "أوبك" تعاملات الشهر الجاري على ارتفاع نسبي، حيث سجلت 68.13 دولار للبرميل مقابل 66.44 دولار للبرميل في اليوم السابق إلا أن الأيام التالية شهدت استئنافا لموجة التراجع والخسائر حيث سجلت السلة الخميس الماضي بحسب آخر البيانات المعلنة لمنظمة "أوبك" 66.27 دولار للبرميل.
    وأرجع مختصون نفطيون أسباب هذا التباين إلى عدم اتضاح الرؤية لدى المتعاملين بشأن تحديد قاع سعري للخام، وغياب تناغم سياسات الإنتاج بين المنتجين في منظمة "أوبك" وخارجها، إضافة إلى تأثير بيانات ارتفاع المعروض على الأسواق، وترقب تطورات الإنتاج بالنسبة لليبيا والعراق.
    وقال لـ"الاقتصادية" عدد من المختصين إن ضبط الأسعار في سوق النفط لا يقع على عتاق منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، مضيفين أن الأوضاع السياسية والصراعات الدولية لها دور كبير في تراجع سعر النفط، إلا أن هناك عوامل أخرى مؤثرة في المشهد لا يمكن إهمالها ومنها ضعف الطلب بسبب تراجع معدلات النمو وركود الاقتصاد العالمي، خاصة في الدول الصناعية المستهلكة الكبرى وأبرزها الصين واليابان.
    واتسمت التعاملات على سلة خام "أوبك" الأسبوع المنصرم بالتباين، وأوضح لـ "الاقتصادية" عامر البياتي المحلل العراقي، إن ضبط سوق النفط أصبح ضرورة قصوى في المرحلة الحالية حتى لا تستمر التراجعات الحادة في الأسعار، مشيرا إلى أهمية تفعيل نظام الالتزام بالحصص داخل "أوبك" بالإضافة إلى ضرورة تعاون المنتجين من خارج "أوبك" خاصة روسيا وهى المنتج الأبرز للخام.
    وأضاف البياتى أن المشهد الحالي مقلق على أوضاع السوق حيث نجد العراق على سبيل المثال يتجه إلى زيادة الإنتاج كما يغيب التعاون بين المنتجين من خارج "أوبك" وفى مقدمتها روسيا وهو ما أدى لتفاقم حالة زيادة المعروض بدلا من خفضه.
    وأشار البياتى إلى أن تلك المشكلة تتشارك فيها دول داخل "أوبك" إلى جانب المنتجين الرئيسيين خارج "أوبك"، وأنه إذا قامت "أوبك" على سبيل الافتراض بخفض الإنتاج بينما قامت العراق بزيادته مع الدول غير الأعضاء في "أوبك" سنجد أنفسنا من دون حل ولم نحقق شيئا، وستبقى أوضاع السوق على ما هي عليه وربما يواجه أزمات جديدة في المستقبل.
    وقال البياتى إن هناك أنباء مؤكدة عن أن العراق يقوم بتنمية واسعة لقطاعه النفطي بمساعدة شركات النفط الغربية وتطالب حكومته بالاستثناء من أي قيود تفرضها "أوبك" على المعروض باعتبار أن بغداد واجهت أزمات اقتصادية طاحنة عبر السنوات الماضية وتحتاج للتعافي لتتجاوز محنتها وتحقق شيئا في مجال التنمية بعد أن أنهكتها الحروب والعقوبات الاقتصادية على مدار سنوات طويلة.
    وأضاف أن الأسواق تترقب زيادة تدفقات النفط العراقي، مشيرا إلى وجود خطة تنموية عراقية ترفع تصدير العراق للخام إلى 3.2 مليون برميل يوميا في العام القادم وأن هذا الأمر يبدو قابلا للتنفيذ ومرحبا به في الأسواق إلا أنه يضيف أعباء جديدة على سوق النفط في ضوء تنامي المعروض وتراجع الأسعار.
    وأوضح أن نفس الشيء يقال على ليبيا التي تتنامى خطط التعافي الإنتاجي بها، بعدما زاد أخيرا إنتاج حقل النافورة النفطي في شرقي البلاد ليصل إنتاجه إلى 20 ألف برميل يوميًّا، إضافة إلى عَمَل عدد من الحقول بشكل طبيعي وهو ما يؤكد أن مشكلة تنامي المعروض تتفاقم بسبب حاجة هذين البلدين إلى التنمية بالإضافة إلى عدم تعاون دول خارج "أوبك".
    وتشير الإحصائيات والرسوم البيانية الصادرة عن منظمة "أوبك" إلى أن منحنى الأسعار في هبوط مستمر منذ أول تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث كانت الأسعار تدور حول 98 دولارا للبرميل لتصل إلى قرابة 66 دولارا للبرميل بداية الشهر الجاري وخلال الشهرين الماضيين لم تحدث إلا ارتفاعات محدودة ومؤقتة لا تتجاوز مرتين أو ثلاثة كل شهر وكان الارتفاع طفيفا في كل هذه المرات.
    وفى سياق متصل، هبط سعر سلة الصادرات البترولية لفنزويلا التي تشمل النفط الخام والمنتجات المكررة 6.16 دولار لتنهى الأسبوع عند 61.92 دولار للبرميل مع تعرضها لضغوط من بينها وفرة المعروض في الأسواق.
    ويجري تداول سلة فنزويلا وهي الدولة العضو في منظمة "أوبك" بخصم عن الخامات القياسية الأخرى بسبب محتواها الأعلى من النفط الثقيل.
    وتراجعت العقود الآجلة للنفط الخام أول أمس في أعقاب القرار الذي أعلنته السعودية بأنها ستخفض أسعار النفط الذي تصدره إلى الولايات المتحدة وآسيا، وفي بورصة نيويورك التجارية "نايمكس" تراجعت عقود النفط الخام الأمريكي تسليم كانون الثاني (يناير) بنسبة بلغت 0.76 في المائة ليتداول عند 66.31 دولار للبرميل.
    وأشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها الأسبوعي إلى أن مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفعت بمقدار 2.6 مليون برميل، مقارنة بتوقعات بانخفاض قدره 0.8 مليون برميل.
    وكانت هذه العقود قد تراجعت الخميس الماضي بنسبة بلغت 0.85 في المائة أو ما يعادل 0.57 دولار لتغلق التداولات عند 66.81 دولار للبرميل.
    وكانت أسعار النفط قد تعرضت للضغط بعد أن أعلنت شركة "أرامكو" السعودية خفض أسعار البيع الرسمية لنفطها الخام اعتباراً من كانون الثاني (يناير) إلى أدنى مستوياتها في 14 عاما على الأقل للمشترين في الولايات المتحدة وآسيا.
    وتشير هذه الخطوة إلى أن السعودية تركز الجهود للحصول على حصة في السوق مع النفط الأمريكي الذي يباع بأسعار أرخص، خصوصاً بعد قرار "أوبك" الأسبوع الماضي الحفاظ على حصص الإنتاج دون تغيير، ما أعطى أسعار النفط المجال للانخفاض أكثر وأكثر.
    وكانت أسعار النفط قد تراجعت بوضوح في الأشهر الأخيرة وسط مخاوف بشأن فائض العرض في السوق العالمي، وفي مكان آخر في بورصة العقود الآجلة، ارتفعت عقود نفط برنت الآجلة تسليم شهر كانون الثاني (يناير) بنسبة 0.73 في المائة أو ما يعادل 54 سنتاً لتتداول عند 69.11 دولار للبرميل، ما يجعل الفارق بين عقود الخام الأمريكي وعقود البرنت عند 2.80 دولار للبرميل.
    وفي سياق متصل، وبحسب بورصة نيويورك التجارية فقد تمت تجارة العقود الآجلة للنفط الخام في كانون الثاني (يناير) على 66.39 دولار للبرميل بانخفاض نسبته 0.64 في المائة.
    وتمت المتاجرة مسبقا على جلسة انخفاض 66.09 دولار للبرميل، علما بأن النفط الخام قد يجد نقاط الدعم على 63.72 دولار والمقاومة على 69.54 دولار. وعلى نايمكس، هبط سعر نفط برنت لشهر كانون الثاني (يناير) بنسبة 0.65 في المائة لتتم المتاجرة به على 69.19 دولار للبرميل، بينما فرق النقاط "السبريد" بين عقود نفط برنت والنفط الخام يقف عند 2.8 دولار للبرميل.
    على جانب آخر، أشار فالنتين بومينوف المحلل الروسي لـ "الاقتصادية"، إلى أن الاقتصاد الروسي الذي يعتمد على النفط والغاز بشكل رئيسي أصبح من المؤكد أنه سيواجه تباطؤاً ملموساً في العام المقبل، منوهاً إلى أهمية الاتفاق الذي أعلن أمس بين روسيا وسلوفاكيا وتصل مدته إلى 15 عاما بشأن إمدادات النفط الروسي إلى سلوفاكيا وترانزيت النفط الروسي عبر الأراضي السلوفاكية إلى الدول الأوروبية. وأوضح المحلل الروسي، أن الاتفاق يمثل دفعة قوية لقطاع النفط في روسيا، كما يمثل مكسبا اقتصاديا مهما لدول الاتحاد الأوروبى المستهلكة للنفط، التي تستفيد حاليا من تراجع الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالوقود ومدخلات الإنتاج. وذكر بومينوف أنه بموجب الاتفاقية التي تدخل حيز التنفيذ بداية العام المقبل، ستقوم سلوفاكيا بشراء ستة ملايين طن من النفط سنويا عبر خط أنابيب نقل النفط "دروجبا"، إضافة إلى ضخ نفس الكمية من النفط عبر الأراضي السلوفاكية إلى دول أوروبا الغربية.
    إلى ذلك، قال مجدي العشري المحلل الاقتصادي، إن الأوضاع السياسية والصراعات الدولية لا شك أن لها دورا كبيرا في تراجع سعر النفط، ولكن يجب علينا أن ندرك أن هناك عوامل أخرى مؤثرة في المشهد لا يمكن إهمالها ومنها ضعف الطلب بسبب تراجع معدلات النمو وركود الاقتصاد العالمي، خاصة في الدول الصناعية المستهلكة الكبرى وأبرزها الصين واليابان.
    وأضاف العشري، أن زيادة الإنتاج العراقي والليبي واحتمالية التوصل إلى اتفاق بين إيران والغرب من شأنه ضخ المزيد من النفط في الأسواق، وبالتالي زيادة المعروض وتراجع الأسعار، لافتاً إلى أن الدول التي تعتمد بنسبة أكبر على الصادرات النفطية في ميزانياتها عليها من الآن سرعة التحرك نحو تنويع اقتصادياتها والتوسع في صناعات واعدة مثل البتروكيماويات.
    وأوضح العشري أنه بالرغم من أن وقع الأزمة على الدول الخليجية النفطية أقل تأثيرا بسبب ما تتمتع به من الاحتياطات المالية الضخمة، إلا أن الأمر لن يغني عن الإسراع في برامج التنمية والاستثمار في مجالات ومصادر الطاقة المتنوعة.
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية